من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
310630 مشاهدة print word pdf
line-top
التيمم لكل حدث

قوله: [ ويصح التيمم لكل حدث ] لعموم الآية، وحديث عمار وقوله في حديث عمران بن حصين عليك بالصعيد فإنه يكفيك متفق عليه .
[ وللنجاسة على البدن بعد تخفيفها ما أمكن] لأنها طهارة على البدن مشترطة للصلاة، فناب فيها التيمم، كطهارة الحدث. قاله في الكافي . قال أحمد هو بمنزلة الجنب.
[ فإن تيمم لها قبل تخفيفها لم يصح] كتيمم قبل استجمار.


الشرح: يصح التيمم للحدث بنوعيه الأصغر والأكبر، أي أن الإنسان يتيمم بدلا عن الوضوء وبدلا عن الغسل في حالة عدم الماء، والحدث الأصغر يندرج تحته أنواع كثيرة قد ذكرت في نواقض الوضوء، كخروج البول، أو الغائط، أو الريح... إلى آخر نواقض الوضوء.
والحدث الأكبر يندرج تحته كل ما وجب له الغسل.
ودليل التيمم للحدث الأصغر والأكبر قوله تعالي وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فجمعت هذه الآية بين التيمم للحدثين الأصغر والأكبر، فالأصغر مذكور في قوله تعالى: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ والحدث الأكبر مذكور في قوله: أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ أي جامعتموهن، وليس المقصود لمس اليد- كما علمنا في باب نواقض الوضوء- فإن اللمس المعتاد لا ينقض الوضوء، ولا يوجب الغسل، وإنما ينتقض الوضوء باللمس لشهوة، خلافا للشافعية حيث قالوا بأن كل لمس يوجب الوضوء، واستدلوا بقراءة أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ من اللمس، والمشهور أن اللمس والملامسة كناية عن الجماع.
وأما التيمم للنجاسة التي على البدن فقد اختار المؤلف جوازه بعد تخفيف هذه النجاسة، لكن لا بد أن يكون التيمم بعد التخفيف، أي بعد غسل ما يقدر عليه منها، فإذا كان معه ماء قليل غسل ما قدر عليه منها بذلك الماء القليل ثم تيمم، وكذا إن قدر على تخفيفها بفركها أو مسحها بخرقة أو تراب، ثم بعد التخفيف يتيمم لما بقي، وقد ذكرنا أنه يقدم غسل النجاسة على رفع الحدث.

line-bottom